السبت، 7 فبراير 2015

ما وراء الشر!


نورة الثميري

لماذا خلق الله الشر؟ لماذا يموت الناس جوعًا وهناك من يتنعم بالجنة في الأرض؟ حسنًا لما الأطفال مشردين بلا مأوى!، هذا مايصدح به غالبية الملحدين اليوم في أية حديث أو نقاش ظنًا منه بأنه ألجمك بحجة لا مفر منها لكن كما قلت يظن، فحجية خلق الشر كدليل على عدم وجود الله إحدى أسباب الإلحاد بعد عصور النهضة والتنوير إلى يومنا هذا ، ولكن هل باستطاعتنا فعلًا العثور على غاية من وراء خلق الشر في العالم وهل هناك سبيل لتقبله في منظومة الحياة؟
لا بد أن نعلم بداية أن رؤية الشر كجزء منفصل عن المنظومة الكونية والحياتيه أمر غير مقبول وسيؤدي بنا إلى نتيجة غير منطقية حتمًا الأمر الذي يوجب عليك الحكم على لوحة الرسام ككل يوجب عليك أن توظف الشر في إطار الحياة لتصل للنتيجة، الإلحاد لعلة عدم فهم الشر هو في الحقيقة موقف نفسي لا عقلي كما قال العقاد، أنا قد أبالغ إذا قلت ملحدين لأن مشكلتهم الأساسية هي مع أفعال الرب وليس في وجوده أو عدم ذلك، إذًا المشكك هنا ولن أقول الملحد يؤمن بالرب الواحد الخالق لذا يكون السؤال المنطقي هنا لماذا خلق الله الشيطان فهو رمز الشر عبر العصور، فالله خلق الشيطان بإرادته سبحانه وهذه المسألة تستلزم معرفة إرادة الله بأنواعها وأنها لاتشمل الشر المحض الذي يراد لذاته كما الخير وإنما قد يصيب المرء شرًا لأن الله أراد به خيرًا من وراءه والفهم الإنساني للغايات الإلهيه مازال قاصرًا فموسى عليه السلام عندما اعترض على مافعله الخضر بخرق السفينه وقتل الغلام بقوله " لقد جئت شيئًا نكرا"حينها عليه السلام لم يكن يعلم الخير وراء أفعال كان يراها شرًا إلى أن جاءه تبرير الخضر"أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا" و لمسألة خلق الشر في الكون جانب مهم يتعلق بجوهر الإنسان و لانتصور بني آدم بدونها ألا وهي الحرية فلو افترضنا أن الله خلق الخير وحده وجعل السعادة في الدنيا نصيب البشر أجمعين كيف يكون حرًا وهو في الحقيقة مسيرًا! أكاد أجزم بأن خلق الشر يحمل في جانبه تكريم للجنس البشري فقد أودع الله فينا عقلا وخلق لنا سبل مختلفة نختار منها ما نشاء ولأن الأمور تعرف بأضدادها كما تقول فلسفة الاختلاف كان وجود الشر ضرورة لتعرف ماهو الخير وتسلكه، ألم تفكر يومًا بأن هذا الشر الذي يغص به العالم قد يكون تكريم لحريتك في الاختيار من حيث لاتحتسب! إذا كنا نؤمن بوجود إله ولكن لانفهم علة الشر لما لا نتذكر بأن المنطق لايجيز لنا أن نسقط منظورنا الإنساني للخير والشر والعدل على الله الذي لا نستطيع إدراكه بعقولنا، ثم إن الله قد ذكر بأنه أقام السماوات والأرض على العدل "والسماء رفعها و وضع الميزان"، أتعي مامعنى عدل رباني وإلهي؟ أي أن الأمور تسير وفق ميزان كوني عظيم يشمل بني آدم أجمعين وكل مافي هذا الكون إلى أصغر ذرة يتكون منها الوجود أتظن حقًا أن ميزانك البشري قادر على تسيير الحياة أفضل من ميزان الرب أتظن حقًا أنك قادر على إقامة العدل في أرض الله وأنت عاجز عن إقامة العدل في نفسك.